بَدَأَ اَلْإِسْلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا.
وَالِمُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَدَأَ اَلْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ .
هذا الحديث في صحيح مسلم تضمن خبرا عن واقع قد شهده الناس وخبر عن مستقبل غيبي
يقول: بدأ الإسلام غريبا بدأ -يعني- ابتدأ الإسلام غريبا والمراد غربة أهله قلة الواحد
والاثنان والثلاثة والخمسة -يعني- أول ما بعث النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن معه إلا نفر
يسير، ولم يزالوا يكثرون شيئا فشيئا فبدأ غريبا والغربة -يعني- فيها معنى الندرة والقلة كما
أن الغريب غريب الوطن يكون -يعني- متفردا في نفسه في بلاد الغربة ليس عنده من أهله
وعشيرته وأصحابه فهذه غربة الوطن.
والتي في الحديث هي غربة الدين غريب في دينه هذه غربة ظاهرة عرف شهدها الناس عرفها
وشهدها الصحابه فزالت هذه الغربة زالت بدخول الناس في دين الله أفواجا وقامت دولة
الإسلام وانتشر الإسلام في الجزيرة ثم انتشر الإسلام في أقطار الأرض -يعني- بما وفق الله من
رفع راية الجهاد قال عليه الصلاة والسلام: وسيعود غريبا سيعود غريبا وينحسر من الأرض
حتى يقل أهله ويكون أهله ندرة في البشرية وسيعود غريبا كما بدأ فلا يصير على هذا الدين
إلا القليل من الناس.
والذي يظهر إن الغربة تتفاوت الغربة التامة إنما تكون في آخر الزمان أو إنه عليه الصلاة
والسلام يريد -يعني- يخبر عن حال من الأحوال ولا يمنع من ذلك أن يعود للإسلام أيضا قوته
بعد الغربة -يعني- بدأ غريبا ثم زالت تلك الغربة ثم يعود غريبا ثم قد تزول هذه الغربة الله
أعلم لأن قوله: وسيعود غريبا لا ينفي أن يعود أيضا -يعني- قويا ظاهرا وأهله كثيرون.
والغربة من الأمور النسبية فيها الغربة التامة والغربة النسبية وقد يكون الإسلام غريبا في
أرض وليس غريبا في أرض في بعض البلاد يكون أهل الإسلام غرباء قلة يعدون بالأصابع
ويشار إليهم وقد يكنون أيضا كما كان المسلمون في أول أمرهم -يعني- يختفون يكتمون
إيمانهم وهذا يشهد به الوقت فالمتأمل لتأريخ الناس وتأريخ المسلمين وأحوال المسلمين يجد هذا التفاوت العظيم سبحان الله.
المصدر .
مكتبة الأمام أبن القيم العامه